قصيدة في : مناقب أم المؤمنين
الصديقة عائشة رضي الله عنها
موسى بن محمد بن عبدالله
الواعظ الأندلسي
الصِّدِّيقةُ بنت الصِّدِّيق,
حبيبةُ الحبيب, وإلفُهُ القريب, الطَّيِّبةُ زوجُ الطَّيِّب, والطَّيِّباتُ للطَّيِّبينَ والطَّيِّبونَ للطَّيِّبات , المُبَرَّأةُ
مِن فوقِ سبع سماوات, لم يتزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم بِكْراً غيرها, ولم
ينزل عليه الوحيُ في لِحافِ امرأةٍ سواها, ولم يَكُنْ في أزواجِهِ مَن هي أحبُّ إليه
منها.
ومِن فضلها أنَّه لا تُعلَمُ
امرأةٌ في الدُّنيا هي أعلمُ بشرعِ الله منها, حُبُّها قُربةٌ, وبُغْضُها ضلالٌ, وسَبُّها
فُجورٌ, وقَذْفُها كُفْرٌ, وقد أجمع العلماء على كفرِ مَن قَذَفَها بعد براءتها؛ لأنَّه
مُكَذِّبٌ للقرآن.
مَن رَضِيَها أُمًّا له فهو
مؤمن, ومَن لم يرضها فليس بمؤمن, وصَدَقَ الله إذ يقول: (( النَّبيُّ أَوْلَى بالمؤمنينَ
مِن أَنفُسِهِمْ وأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ))
وهذه قصيدة بلسانها نظمها
أبي عمران موسى بن محمد بن عبدالله الواعظ الأندلسي – رحمه الله - :
والقصيدة مطبوعة بتحقيق وشرح
أ . د فهد بن عبدالرحمن بن سليمان الرومي – مكتبة التوبة .
ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ
وَشَانِي ***
هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً
عَنْ فَضْلِه ***
ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ
مُحَمَّدٍ ***
فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ
مُحَمَّدٍ ***
بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ
كُلِّه ***
فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ
بينَ تَرَائِبِي ***
فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ
أَرَ غَيْرَهُ ***
اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ
بِصُورَتِي ***
فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ
عِنْدِي سِرُّهُ ***
وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ(1)
وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ(1)
وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ
بِحُجَّتِي ***
وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي(2) وعَظَّمَ
حُرْمَتِي ***
وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ
لَعَنَ الذي ***
بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ
تَنَقُّصِي ***
إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي(3)
إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي(3)
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ
بَرِيئَةٌ ***
ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ
رُسْلِهِ ***
وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ
مُحَمَّدٍ ***
مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ
تَحْتَ ثِيابِهِ ***
فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ
صُحْبَتِي ***
ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ
مُحَمَّدٍ ***
وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ
مُحَمَّدٍ ***
فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ
في أبِي ***
حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ
صاحِبِ أَحْمَدٍ ***
وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ
وفَعالِهِ ***
وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
ثانِيهِ في الغارِِ الذي
سَدَّ الكُوَى(4) ***
بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ
بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ
وَجَفَا الغِنَى حتَّى تَخَلَّلَ
بالعَبَ ***
زُهداً وأَذْعَنَ أيَّمَا إذْعانِ
زُهداً وأَذْعَنَ أيَّمَا إذْعانِ
وتَخَلَّلَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَةُ
السَّمَ ***
وأَتَتْهُ بُشرَى اللهِ بالرِّضْوانِ
وأَتَتْهُ بُشرَى اللهِ بالرِّضْوانِ
وَهُوَ الذي لَمْ يَخْشَ
لَوْمَةَ لائِمٍ ***
في قَتْلِ أَهْلِ البَغْيِ والعُدْوَانِ
في قَتْلِ أَهْلِ البَغْيِ والعُدْوَانِ
قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاةَ
بِكُفْرِهِمْ ***
وأَذَلَّ أَهْلَ الكُفْرِ والطُّغيانِ
وأَذَلَّ أَهْلَ الكُفْرِ والطُّغيانِ
سَبَقَ الصَّحَابَةَ والقَرَابَةَ
لِلْهُدَى ***
هو شَيْخُهُمْ في الفَضْلِ والإحْسَانِ
هو شَيْخُهُمْ في الفَضْلِ والإحْسَانِ
واللهِ ما اسْتَبَقُوا لِنَيْلِ
فَضِيلَةٍ ***
مِثْلَ اسْتِبَاقِ الخَيلِ يَومَ رِهَانِ
مِثْلَ اسْتِبَاقِ الخَيلِ يَومَ رِهَانِ
إلاَّ وطَارَ أَبي إلى عَلْيَائِه
***
فَمَكَانُهُ مِنها أَجَلُّ مَكَانِ
فَمَكَانُهُ مِنها أَجَلُّ مَكَانِ
وَيْلٌ لِعَبْدٍ خانَ آلَ
مُحَمَّدٍ ***
بِعَدَاوةِ الأَزْواجِ والأَخْتَانِ(5)
بِعَدَاوةِ الأَزْواجِ والأَخْتَانِ(5)
طُُوبى لِمَنْ والى جَمَاعَةَ
صَحْبِهِ ***
وَيَكُونُ مِن أَحْبَابِهِ الحَسَنَانِ
وَيَكُونُ مِن أَحْبَابِهِ الحَسَنَانِ
بَيْنَ الصَّحابَةِ والقَرابَةِ
أُلْفَةٌ ***
لا تَسْتَحِيلُ بِنَزْغَةِ الشَّيْطانِ
لا تَسْتَحِيلُ بِنَزْغَةِ الشَّيْطانِ
هُمْ كالأَصَابِعِ في اليَدَيْنِ
تَوَاصُل ***
هل يَسْتَوِي كَفٌّ بِغَيرِ بَنانِ؟!
هل يَسْتَوِي كَفٌّ بِغَيرِ بَنانِ؟!
حَصِرَتْ(6) صُدورُ الكافِرِينَ
بِوَالِدِي ***
وقُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ مِنَ الأَضْغانِ
وقُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ مِنَ الأَضْغانِ
حُبُّ البَتُولِ وَبَعْلِها
لم يَخْتَلِفْ ***
مِن مِلَّةِ الإسْلامِ فيهِ اثْنَانِ
مِن مِلَّةِ الإسْلامِ فيهِ اثْنَانِ
أَكْرِمْ بِأَرْبَعَةٍ أَئِمَّةِ
شَرْعِنَ ***
فَهُمُ لِبَيْتِ الدِّينِ كَالأرْكَانِ
فَهُمُ لِبَيْتِ الدِّينِ كَالأرْكَانِ
نُسِجَتْ مَوَدَّتُهُمْ سَدىً
في لُحْمَةٍ ***
فَبِنَاؤُها مِن أَثْبَتِ البُنْيَانِ
فَبِنَاؤُها مِن أَثْبَتِ البُنْيَانِ
اللهُ أَلَّفَ بَيْنَ وُدِّ
قُلُوبِهِمْ ***
لِيَغِيظَ كُلَّ مُنَافِقٍ طَعَّانِ
لِيَغِيظَ كُلَّ مُنَافِقٍ طَعَّانِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمُ صَفَتْ
أَخْلاقُهُمْ ***
وَخَلَتْ قُلُوبُهُمُ مِنَ الشَّنَآنِ
وَخَلَتْ قُلُوبُهُمُ مِنَ الشَّنَآنِ
فَدُخُولُهُمْ بَيْنَ الأَحِبَّةِ
كُلْفَةٌ ***
وسِبَابُهُمْ سَبَبٌ إلى الحِرْمَانِ
وسِبَابُهُمْ سَبَبٌ إلى الحِرْمَانِ
جَمَعَ الإلهُ المُسْلِمِينَ
على أبي ***
واسْتُبْدِلُوا مِنْ خَوْفِهِمْ بِأَمَانِ
واسْتُبْدِلُوا مِنْ خَوْفِهِمْ بِأَمَانِ
وإذا أَرَادَ اللهُ نُصْرَةَ
عَبْدِهِ ***
مَنْ ذا يُطِيقُ لَهُ على خِذْلانِ؟!
مَنْ ذا يُطِيقُ لَهُ على خِذْلانِ؟!
مَنْ حَبَّنِي فَلْيَجْتَنِبْ
مَنْ َسَبَّنِي ***
إنْ كَانَ صَانَ مَحَبَّتِي وَرَعَانِي
إنْ كَانَ صَانَ مَحَبَّتِي وَرَعَانِي
وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ(7)
بِمُبْغِضِي ***
فَكِلاهُمَا في البُغْضِ مُسْتَوِيَانِ
فَكِلاهُمَا في البُغْضِ مُسْتَوِيَانِ
إنِّي لَطَيِّبَةٌ خُلِقْتُ
لِطَيِّبٍ ***
ونِسَاءُ أَحْمَدَ أَطْيَبُ النِّسْوَانِ
ونِسَاءُ أَحْمَدَ أَطْيَبُ النِّسْوَانِ
إنِّي لأُمُّ المُؤْمِنِينَ
فَمَنْ أَبَى ***
حُبِّي فَسَوْفَ يَبُوءُ بالخُسْرَانِ
حُبِّي فَسَوْفَ يَبُوءُ بالخُسْرَانِ
اللهُ حَبَّبَنِي لِقَلْبِ
نَبِيِّهِ ***
وإلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ هَدَانِي
وإلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ هَدَانِي
واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ
كَرَامَتِي ***
ويُهِينُ رَبِّي مَنْ أَرَادَ هَوَانِي
ويُهِينُ رَبِّي مَنْ أَرَادَ هَوَانِي
واللهَ أَسْأَلُهُ زِيَادَةَ
فَضْلِهِ ***
وحَمِدْتُهُ شُكْراً لِمَا أَوْلاَنِي
وحَمِدْتُهُ شُكْراً لِمَا أَوْلاَنِي
يا مَنْ يَلُوذُ بِأَهْلِ
بَيْتِ مُحَمَّدٍ ***
يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَةَ الرَّحْمانِ(8)
يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَةَ الرَّحْمانِ(8)
صِلْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ
ولا تَحِدْ ***
عَنَّا فَتُسْلَبَ حُلَّةَ الإيمانِ
عَنَّا فَتُسْلَبَ حُلَّةَ الإيمانِ
إنِّي لَصَادِقَةُ المَقَالِ
كَرِيمَةٌ ***
إي والذي ذَلَّتْ لَهُ الثَّقَلانِ
إي والذي ذَلَّتْ لَهُ الثَّقَلانِ
خُذْها إليكَ فإنَّمَا هيَ
رَوْضَةٌ ***
مَحْفُوفَةٌ بالرَّوْحِ والرَّيْحَانِ
مَحْفُوفَةٌ بالرَّوْحِ والرَّيْحَانِ
صَلَّى الإلهُ على النَّبيِّ
وآلِهِ ***
فَبِهِمْ تُشَمُّ أَزَاهِرُ البُسْتَانِ
فَبِهِمْ تُشَمُّ أَزَاهِرُ البُسْتَانِ
____________________
(1) القمران: أبو بكر وعمر,
وهما ضجيعا النبي صلى الله عليه وسلم.
(2) خفرني: حماني وأجارني.
(3) في قوله تعالى: (( سبحانك
هذا بهتان عظيم )).
(4) الكوى: جمع كُوَّة, والكوة:
الخرق في الجدار يدخل منه الهواء أو الضوء.
(5) الأختان: كل مَن كان
مِن قِبَلِ المرأة, كأبيها وأخيها.
(6) حصرت: ضاقت صدورهم.
(7) ألظ: لَزِمَه ولم يفارقه.
(8) قوله يا من يلوذ بأهل
بيت محمد, يبدو أنه يخاطب بها الرافضة لعنهم الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق